كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والثانى أن تكون حالا من الآباء، وجواب {أو لو كان} محذوف، تقديره: أو لو كانوا يتبعونهم.
قوله تعالى: {عليكم أنفسكم} عليكم هو اسم للفعل هاهنا، وبه انتصب أنفسكم، والتقدير: احفظوا أنفسكم، والكاف والميم في عليكم في موضع جر لأن اسم الفعل هو الجار والمجرور، وعلى وحدها لم تستعمل اسما للفعل، بخلاف رويدكم فإن الكاف والميم هناك للخطاب فقط ولا موضع لهما لأن رويدا قد استعملت اسما للأمر للمواجه من غير كاف الخطاب، وهكذا قوله: {مكانكم أنتم وشركاؤكم}، الكاف والميم في موضع جر أيضا، ويذكر في موضعه إن شاء الله تعالى {لا يضركم} يقرأ بالتشديد والضم على أنه مستأنف، وقيل حقه الجزم على جواب الأمر ولكنه حرك بالضم إتباعا لضمة الضاد، ويقرأ بفتح الراء على أن حقه الجزم وحرك بالفتح ويقرأ بتخفيف الراء وسكونها وكسر الضاد وهو من ضاره يضيره، ويقرأ كذلك إلا أنه بضم الضاد وهو من ضاره يضوره، وكل ذلك لغات فيه، و{إذا} ظرف ليضر، ويبعد أن يكون ظرفا لضل لأن المعنى لا يصح معه.
قوله تعالى: {شهادة بينكم} يقرأ برفع الشهادة وإضافتها إلى بينكم، والرفع على الابتداء، والإضافة هنا إلى بين على أن تجعل بين مفعولا به على السعة، والخبر اثنان، والتقدير: شهادة اثنين، وقيل التقدير: ذوا شهادة بينكم اثنان، فحذف المضاف الأول، فعلى هذا يكون {إذا حضر} ظرفا للشهادة، وأما {حين الوصية} ففيه على هذا ثلاثة أوجه: أحدها هو ظرف للموت.
والثانى ظرف لحضر، وجاز ذلك إذ كان المعنى حضر أسباب الموت.
والثالث أن يكون بدلا من إذا، وقيل شهادة بينكم مبتدأ وخبره إذا حضر، وحين على الوجوه الثلاثة في الإعراب، وقيل خبر الشهادة حين، وإذا ظرف للشهادة، ولايجوز أن يكون إذا خبرا للشهادة وحين ظرفا لها، إذ في ذلك الفصل بين المصدر وصلته بخبره، ولايجوز أن تعمل الوصية في إذا لأن المصدر لا يعمل فيما قبله، ولا المضاف إليه في الإعراب يعمل فيما قبله.
وإذا جعلت الظرف خبرا عن الشهادة فاثنان خبر مبتدإ محذوف: أي الشاهدان اثنان، وقيل الشهادة مبتدأ، وإذا وحين غير خبرين، بل هما على ما ذكرنا من الظرفية، واثنان فاعل شهادة، وأغنى الفاعل عن خبر المبتدإ، و{ذوا عدل} صفة لاثنين، وكذلك {منكم أو آخران} معطوف على اثنان، و{من غيركم} صفة لآخران، و{إن أنتم ضربتم في الأرض}
معترض بين آخران وبين صفته، وهو {تحبسونهما} أي أو آخران من غيركم محبوسان، و{من بعد} متعلق بتحبسون، وأنتم مرفوع بأنه فاعل فعل محذوف لأنه واقع بعد إن الشرطية فلا يرتفع بالابتداء، والتقدير: إن ضربتم، فلما حذف الفعل وجب أن يفصل الضمير فيصير أنتم ليقوم بنفسه، وضربتم تفسير للفعل المحذوف لا موضع له {فيقسمان} جملة معطوفة على تحبسونهما، و{إن ارتبتم} معترض بين يقسمان وجوابه، وهو {لا نشتري} وجواب الشرط محذوف في الموضعين أغنى عنه معنى الكلام، والتقدير: إن ارتبتم فاحبسوهما أو فحلفوهما، وإن ضربتم في الأرض فأشهدوا اثنين، ولانشترى جواب يقسمان لأنه يقوم مقام اليمين، والهاء في {به} تعود إلى الله تعالى أو على القسم أو اليمين أو الحلف أو على تحريف الشهادة أو على الشهادة لأنها قول، و{ثمنا} مفعول نشترى، ولاحذف فيه لأن الثمن يشترى كما يشترى به، وقيل التقدير: ذا ثمن {ولو كان ذا قربى} أي ولو كان المشهود له لم يشتر {ولانكتم} معطوف على لا نشتري.
وأضاف الشهادة إلى الله لأنه أمر بها فصارت له، ويقرأ شهادة بالتنوين، وألله بقطع الهمزة من غير مد وبكسر الهاء على أنه جره بحرف القسم محذوفا، وقطع الهمزة تنبيها على ذلك، وقيل قطعها عوض من حرف القسم، ويقرأ كذلك إلا أنه بوصل الهمزة والجر على القسم من غير تعويض ولا تنبيه، ويقرأ كذلك إلا أنه بقطع الهمزة ومدها، والهمزة على هذا عوض من حرف القسم، ويقرأ بتنوين الشهادة ووصل الهمزة ونصب إسم الله من غير مد على أنه منصوب بفعل القسم محذوفا.
قوله تعالى: {فإن عثر} مصدره العثور، ومعناه اطلع، فأما مصدر عثر في مشيه ومنطقه ورأيه فالعثار، و{على أنهما} في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل {فآخران} خبر مبتدإ محذوف: أي فالشاهدان آخران، وقيل فاعل فعل محذوف:
أي فليشهد آخران، وقيل هو مبتدأ والخبر {يقومان} وجاز الابتداء هنا بالنكرة لحصول الفائدة، وقيل الخبر الأوليان، وقيل المبتدأ الأوليان، وآخران خبر مقدم، ويقومان صفة آخران إذا لم تجعله خبرا، و{مقامهما} مصدر، و{من الذين} صفة أخرى لآخران، ويجوز أن يكون حالا من ضمير الفاعل في يقومان {استحق} يقرأ بفتح التاء على تسمية الفاعل، والفاعل الأوليان، والمفعول محذوف: أي وصيتهما، ويقرأ بضمها على ما لم يسم فاعله، وفى الفاعل وجهان: أحدهما ضمير الإثم لتقدم ذكره في قوله: {استحقا إثما} أي استحق عليهم الإثم، والثانى الأوليان: إى إثم الأولين، وفى {عليهم} ثلاثة أوجه: أحدها هي على بابها كقولك: وجب عليه الإثم.
والثانى هي بمعنى في: أي استحق فيهم الوصية ونحوها.
والثالث هي بمعنى من: أي استحق منهم الأوليان، ومثله {اكتالوا على الناس يستوفون} أي من الناس {الأوليان} يقرأ بالألف على تثنية أولى.
وفى رفعه خمسة أوجه: أحدها هو خبر مبتدإ محذوف: أي هما الأوليان، والثانى هو مبتدأ وخبره آخران، وقد ذكر، والثالث هو فاعل استحق وقد ذكر أيضا، والرابع هو بدل من الضمير في يقومان، والخامس أن يكون صفة لآخران لأنه وإن كان نكرة فقد وصف والأوليان لم يقصد بهما قصد اثنين بأعيانهما وهذا محكى عن الأخفش.
ويقرأ الأولين، وهو جمع أول، وهو صفة للذين استحق أو بدل من الضمير في عليهم، ويقرأ الأولين وهو جمع أولى، وإعرابه كإعراب الأولين، ويقرأ الأولان تثنية الأول، وإعرابه كإعراب الأوليان {فيقسمان} عطف على يقومان {لشهادتنا أحق} مبتدأ وخبر، وهو جواب يقسمان.
قوله تعالى: {ذلك أدنى أن يأتوا}: أي من أن يأتوا أو إلى أن يأتوا، وقد ذكر نظائره، و{على وجهها} في موضع الحال من الشهادة: أي محققة أو صحيحة {أو يخافوا} معطوف على يأتوا، و{بعد أيمانهم} ظرف لترد أو صفة الأيمان.
قوله تعالى: {يوم يجمع الله} العامل في يوم يهدى: أي لا يهديهم في ذلك اليوم إلى حجة أو إلى طريق الجنة، وقيل هو مفعول به، والتقدير: واسمعوا خبر {يوم يجمع الله} فحذف المضاف {ماذا} في موضع نصب ب {أجبتم} وحرف الجر محذوف: أي بماذا أجبتم، وما وذا هنا بمنزلة اسم واحد، ويضعف أن يجعل ذا بمعنى الذي هاهنا لأنه لاعائد هنا، وحذف العائد مع حرف الجر ضعيف {إنك أنت علام الغيوب} و{إنك أنت العزيز الحكيم} مثل {إنك أنت العليم الحكيم} وقد ذكر في البقرة.
قوله تعالى: {إذ قال الله} يجوز أن يكون بدلا من يوم، والتقدير: إذ يقول، ووقعت هنا إذ هي للماضي على حكاية الحال، ويجوز أن يكون التقدير: اذكر إذ يقول: {يا عيسى ابن} يجوز أن يكون على الألف من عيسى فتحة، لأنه قد وصف بابن وهو بين علمين، وأن يكون عليها ضمة، وهى مثل قولك: يا زيد بن عمرو بفتح الدال وضمها، فإذا قدرت الضم جاز أن تجعل ابن مريم صفة وبيانا وبدلا {إذ أيدتك} العامل في إذ {نعمتي} ويجوز أن يكون حالا من نعمتي، وأن يكون مفعولا به على السعة، وأيدتك وآيدتك قد قرئ بهما، وقد ذكر في البقرة {تكلم الناس} في موضع الحال من الكاف في أيدتك، و{في المهد} ظرف لتكلم أو حال من ضمير الفاعل في تكلم {وكهلا} حال منه أيضا، ويجوز أن يكون من الكاف في أيدتك وهى حال مقدرة.
{وإذ علمتك} وإذ تخلق، وإذ تخرج معطوفات على إذ أيدتك {من الطين} يجوز أن يتعلق بتخلق فتكون من لابتداء غاية الخلق وأن يكون حالا {من هيئة الطير} على قول من أجاز تقديم حال المجرور عليه، والكاف مفعول تخلق، وقد تكلمنا على قوله: {هيئة الطير} في آل عمران {فتكون طيرا} يقرأ بياء ساكنة من غير ألف.
وفيه وجهان: أحدهما أنه مصدر في معنى الفاعل.
والثانى أن يكون أصله طيرا مثل سيد، ثم خفف إلا أن ذلك يقل فيما عينه ياء وهو جائز، ويقرأ طائرا وهى صفة غالبة، وقيل هو اسم للجمع مثل الحامل والباقر، و{تبرئ} معطوف على تخلق {إذ جئتهم} ظرف لكففت {سحر مبين} يقرأ بغير ألف على أنه مصدر، ويشار به إلى ما جاء به من الآيات، ويقرأ ساحر بالألف والإشارة به إلى عيسى، وقيل هو فاعل في معنى المصدر كما قالوا عائذا بالله منك: أي عوذا أو عياذا.
قوله تعالى: {وإذ أو حيت} معطوف على {إذ أيدتك} {أن آمنوا} يجوز أن تكون أن مصدرية فتكون في موضع نصب بأوحيت، وأن تكون بمعنى أي، وقد ذكرت نظائره.
قوله تعالى: {إذ قال الحواريون} أي اذكر إذ قال، ويجوز أن يكون ظرفا لمسلمون {هل يستطيع ربك} يقرأ بالياء على أنه فعل وفاعل، والمعنى: هل يقدر ربك أو يفعل، وقيل التقدير: هل يطيع ربك، وهما بمعنى واحد مثل استجاب وأجاب وأستجب وأجب، ويقرأ بالتاء، وربك نصب، والتقدير: هل يستطيع سؤال ربك فحذف المضاف، فأما قوله: {أن ينزل} فعلى القراءة الأولى هو مفعول يستطيع، والتقدير: على أن ينزل، أو في أن ينزل، ويجوز أن لا يحتاج إلى حرف جر على أن يكون يستطيع بمعنى يطيق، وعلى القراءة الاخرى يكون مفعولا لسؤال المحذوف.
قوله تعالى: {أن قد صدقتنا} أن مخففة من الثقيلة واسمها محذوف وقد عوض منه وقيل أن مصدرية وقد لا تمنع من ذلك {نكون} صفة لمائدة، و{لنا} يجوز أن يكون خبر كان، ويكون {عيدا} حالا من الضمير في الظرف أو حالا من الضمير في كان على قول من ينصب عنها الحال، ويجوز أن يكون عيدا الخبر، وفى لنا على هذا وجهان: أحدهما أن يكون حالا من الضمير في تكون.
والثانى أن تكون حالا من عيد لأنه صفة له قدمت عليه، فأما {لأولنا وآخرنا} فإذا جعلت لنا خبرا أو حالا من فاعل تكون فهو صفة لعيد، وإن جعلت لنا صفة لعيد كان لأولنا وآخرنا بدل من الضمير المجرور بإعادة الجار، ويقرأ لأولانا وأخرانا على تأنيث الطائفة أو الفرقة.
وأما من السماء فيجوز أن يكون صفة لمائدة، وأن يتعلق بينزل {وآية} عطف على عيد، و{منك} صفة لها.
قوله تعالى: {منكم} في موضع الحال من ضمير الفاعل في يكفر {عذابا} اسم للمصدر الذي هو التعذيب فيقع موقعه، ويجوز أن يجعل مفعولا به على السعة، وأما قوله: {لاأعذبه} يجوز أن تكون الهاء للعذاب.
وفيه على هذا وجهان: أحدهما أن يكون حذف حرف الجر: أي لاأعذب به أحدا.
والثانى أن يكون مفعولا به على السعة، ويجوز أن يكون ضمير المصدر المؤكد كقولك ظننته زيدا منطلقا، ولا تكون هذه الهاء عائدة على العذاب الأول.
فإن قلت: لاأعذبه صفة لعذاب، فعلى هذا التقدير لا يعود من الصفة إلى الموصوف شئ.
قيل إن الثاني لما كان واقعا موقع المصدر والمصدر جنس وعذابا نكرة كان الأول داخلا في الثاني، والثانى مشتملا على الأول، وهو مثل: زيد نعم الرجل، ويجوز أن تكون الهاء ضمير من، وفى الكلام حذف: أي لاأعذب الكافر: أي مثل الكافر: أي مثل عذاب الكافر.
قوله تعالى: {اتخذوني} هذه تتعدى إلى مفعولين لأنهما بمعنى صيرونى، و{من دون الله} في موضع صفة إلهين، ويجوز أن تكون متعلقة باتخذوا {أن أقول} في موضع رفع فاعل يكون، ولى الخبر، و{ما ليس} بمعنى الذي أو نكرة موصوفة وهو مفعول أقول، لأن التقدير: أن أدعى أو أذكر، واسم ليس مضمر فيها، وخبرها {لى} و{بحق} في موضع الحال من الضمير في الجار، والعامل فيه الجار، ويجوز أن يكون بحق مفعولا به تقديره: ما ليس يثبت لى بسبب حق، فالباء تتعلق بالفعل المحذوف لابنفس الجار، لأن المعاني لاتعمل في المفعول به، ويجوز أن يجعل بحق خبر ليس، ولى تبيين كما في قولهم: سقيا له ورعيا، ويجوز أن يكون بحق خبر ليس، ولى صفة بحق قدم عليه فصار حالا، وهذا يخرج على قول من أجاز تقديم حال المجرور عليه {إن كنت قلته} كنت لفظها ماض، والمراد المستقبل، والتقدير: إن يصح دعواى لى، وإنما دعا هذا لأن إن الشرطية لا معنى لها إلا في المستقبل، فآل حاصل المعنى إلى ما ذكرناه.